فجعنا رحيل الأمير بندر بن عبدالعزيز -رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة-، وكانت تربطني به علاقات وطيدة عن قرب امتدت لعشرات السنين، وكانت فجيعتي فيه أشد. رحل ذاك الطود الشامخ والرجل الذي أتته الدنيا فالتفت إلى الآخرة، عرفته رجلاً عابداً زاهداً ورعاً تقياً وفياً لأصحابه ومحبيه قبل أن أعرفه رجلاً شهماً، وأميراً مبجلاً..
كنا نجالسه، ويحرص أن يكون في المجلس أحد العلماء وطلبة العلم، ولا تجد في مجلسه من يغتاب أحدا، ويكون المجلس عامراً بتلاوة القرآن وذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقصص الصحابة رضوان الله عليهم، والتفقه في الدين والقراءة في كتاب يومياً من الكتب النافعة المفيدة.
لم نسمع منه لفظاً نابياً، أو ذماً لأحد، بل كان لا يسمح بذلك في مجلسه ويدعو للناس بالهداية والتوفيق..
كنا نجلس في مجلسه وهو يلهج بالتسبيح والتهليل والتحميد، رجل إذا رأيته ذكرت الله تعالى، فخير الناس من إذا ذكرت الله أعانك وإن غفلت عنه ذكَّرك.
وإذا جرى الكلام في واقع سياسي، -وهو له الحنكة السياسية التي نعرفها منه- تكلم بكلام مقتضب يسير، لكن فيه الحل والرؤية الصحيحة، التي طالما عرفنا صحتها بعد ذلك إذا مرت الأيام.
إذا ذكرنا الأمير بندر بن عبدالعزيز فإننا نذكر فيه الحرص على الخير وبذله، ونذكر ليالي رمضان وأيام الحج، فلقد تعودنا أن نصحبه في معتكفه وفي حجه، فقد كان يعتكف شهر رمضان كاملاً في كل عام، ويندر ألاّ نراه في إحدى المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة). ورغم سنه ومكانته إلا أنه كان ينزل للطواف مع الناس دون أن يشعر به أحد، يطوف بين الناس في تواضع وإخبات لله عزو وجل بكل هدوء وسكينة.
كان يقدر العلماء، ويحفظ العهد، وفي الحديث الصحيح «إن حسن العهد من الإيمان». فما رأينا شيخاً أو عالماً إلا ويقدره ويحفظ لكل إنسان قدره، وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه»، وهكذا كان رحمه الله، كان رحمه الله حريصاً على تطبيق السنة المطهرة في جميع مناحي حياته.
أما بذله المعروف وحبه الخير؛ فما رأينا أحداً أراد منه شيئاً إلا وقدمه له، ولا قصده أحد في حاجة إلى سعى إلى قضائها، ولا يظننَّ ظان أننا نتكلم على دراهم معدودة، بل كان يتكفل بعلاج مرضى وتجهيز حملات الحج على نفقته الخاصة ويدعم أهل القرآن ويساعد الفقراء والمحتاجين واليتامى والمعوزين.
ولم يكن يشترط سوى التحقق من حاجة المسكين، وصلاح حاله، ويسعى إلى تلمس حاجات الفقراء والمساكين المتعففين عن السؤال، فيرسل إليهم ما يصلح أحوالهم ولا يسمع عن محتاج أو ملهوف إلا سعى إلى نجدته رحمه الله.
كما أن نفقاته في وجوه البر والخير ومساعدة أهل القرآن والدعوة والجمعيات الخيرية التي عرفناها كثيرة جداً ولا تحصى، أما ما لا نعرفه عن أعمال الخير فهو أيضاً كثير، التمسنا بعض قصصه من هنا وهناك في مساعدته الأرامل والمحتاجين، وهو أمر لا يتكلم فيه، ولا يذكره، وينكشف بعضه عاجلاً بشرى لمؤمن، بل نقول: كم من أسرة وكم من محتاج سيدعو له بعد موته.
ونتساءل: كم سيفقد ذاك الخير...؟
ولا يعلم أحد جواب ذلك إلا الله...
لقد كنت أحب أن أكتب أكثر عن أميرنا المبجل لا سيما وقد صحبته حضراً وسفراً سنين عديدة، ومهما كتبنا عنه فلن نوفيه حقه ولا بعض حقه، ولعل الله تعالى أن يمد في العمر فأكتب عنه كتاباً جامعاً، فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجعل في عقبه الخير والصلاح.
ALmoojan@hotmail.com
كنا نجالسه، ويحرص أن يكون في المجلس أحد العلماء وطلبة العلم، ولا تجد في مجلسه من يغتاب أحدا، ويكون المجلس عامراً بتلاوة القرآن وذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقصص الصحابة رضوان الله عليهم، والتفقه في الدين والقراءة في كتاب يومياً من الكتب النافعة المفيدة.
لم نسمع منه لفظاً نابياً، أو ذماً لأحد، بل كان لا يسمح بذلك في مجلسه ويدعو للناس بالهداية والتوفيق..
كنا نجلس في مجلسه وهو يلهج بالتسبيح والتهليل والتحميد، رجل إذا رأيته ذكرت الله تعالى، فخير الناس من إذا ذكرت الله أعانك وإن غفلت عنه ذكَّرك.
وإذا جرى الكلام في واقع سياسي، -وهو له الحنكة السياسية التي نعرفها منه- تكلم بكلام مقتضب يسير، لكن فيه الحل والرؤية الصحيحة، التي طالما عرفنا صحتها بعد ذلك إذا مرت الأيام.
إذا ذكرنا الأمير بندر بن عبدالعزيز فإننا نذكر فيه الحرص على الخير وبذله، ونذكر ليالي رمضان وأيام الحج، فلقد تعودنا أن نصحبه في معتكفه وفي حجه، فقد كان يعتكف شهر رمضان كاملاً في كل عام، ويندر ألاّ نراه في إحدى المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة). ورغم سنه ومكانته إلا أنه كان ينزل للطواف مع الناس دون أن يشعر به أحد، يطوف بين الناس في تواضع وإخبات لله عزو وجل بكل هدوء وسكينة.
كان يقدر العلماء، ويحفظ العهد، وفي الحديث الصحيح «إن حسن العهد من الإيمان». فما رأينا شيخاً أو عالماً إلا ويقدره ويحفظ لكل إنسان قدره، وفي المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه»، وهكذا كان رحمه الله، كان رحمه الله حريصاً على تطبيق السنة المطهرة في جميع مناحي حياته.
أما بذله المعروف وحبه الخير؛ فما رأينا أحداً أراد منه شيئاً إلا وقدمه له، ولا قصده أحد في حاجة إلى سعى إلى قضائها، ولا يظننَّ ظان أننا نتكلم على دراهم معدودة، بل كان يتكفل بعلاج مرضى وتجهيز حملات الحج على نفقته الخاصة ويدعم أهل القرآن ويساعد الفقراء والمحتاجين واليتامى والمعوزين.
ولم يكن يشترط سوى التحقق من حاجة المسكين، وصلاح حاله، ويسعى إلى تلمس حاجات الفقراء والمساكين المتعففين عن السؤال، فيرسل إليهم ما يصلح أحوالهم ولا يسمع عن محتاج أو ملهوف إلا سعى إلى نجدته رحمه الله.
كما أن نفقاته في وجوه البر والخير ومساعدة أهل القرآن والدعوة والجمعيات الخيرية التي عرفناها كثيرة جداً ولا تحصى، أما ما لا نعرفه عن أعمال الخير فهو أيضاً كثير، التمسنا بعض قصصه من هنا وهناك في مساعدته الأرامل والمحتاجين، وهو أمر لا يتكلم فيه، ولا يذكره، وينكشف بعضه عاجلاً بشرى لمؤمن، بل نقول: كم من أسرة وكم من محتاج سيدعو له بعد موته.
ونتساءل: كم سيفقد ذاك الخير...؟
ولا يعلم أحد جواب ذلك إلا الله...
لقد كنت أحب أن أكتب أكثر عن أميرنا المبجل لا سيما وقد صحبته حضراً وسفراً سنين عديدة، ومهما كتبنا عنه فلن نوفيه حقه ولا بعض حقه، ولعل الله تعالى أن يمد في العمر فأكتب عنه كتاباً جامعاً، فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وجعل في عقبه الخير والصلاح.
ALmoojan@hotmail.com